الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية حتى لا يتكرر السيناريو المصري في تونس: اخبار الجمهورية تتحدث الى أقباط مصريين.. وهذا موقف المسلمين

نشر في  12 أفريل 2017  (12:29)

سقط عشرات القتلى والمصابين، يوم 9 أفريل، في مصر إثر تفجيرين استهدفا كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا وكنيسة مارمرقس في مدينة الإسكندرية، وذلك في يوم «أحد السعف» أحد أهم الأيام المقدسة لأقباط مصر.
وقد أسفرت الاحداث الدموية عن مقتل 43 شخصا واصابة اكثر من مائة شخص، حيث جد انفجار اول في مدينة طنطا داخل كنيسة مارجرجس وحسب بيان رسمي كانت متفجرات مزروعة تحت مقعد داخل قاعة الصلاة الرئيسية في الكنيسة.
وبعد ساعات وقع انفجار آخر  بمحيط الكاتدرائية لمرقسية بمدينة الاسكندرية وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، أن «أحد العناصر الإرهابية حاول اقتحام الكنيسة وتفجيرها بواسطة حزام ناسف»، وأضافت أنه «حال ضبط قوات تأمين الكنيسة للإرهابي قام بتفجير نفسه».
وأثار التفجيران ردود أفعال وإدانات على نطاق واسع على المستويين العربي والعالمي، مؤكدين وقوفهم إلى جانب مصر في هذا المصاب الأليم وفي مواجهة الإرهاب الغاشم الذي يستهدف كل ربوع العالم.، وكان أبرزها من قيادات دينية وسياسية
 ويذكر أن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» كان قد اعلن مسؤوليته عن التفجيرين الهجوميين اللذين يعتبران من أعنف الهجمات التي تستهدف الأقباط منذ سنين حسب ما ذكرت، وكالة أعماق التابعة له
من جهتها ادانت أدانت تونس بشدة التفجيرين الإرهابيين الآثمين، اللذين استهدفا، كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا المصرية، والكنيسة المرقسية بمدينة الإسكندرية واكدت تونس، في بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية، تضامنها الكامل مع الشعب المصري الشقيق، ودعمها للإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية لحفظ أمنها وسلامة مواطنيها،
كما شددت على شجبها لإستهداف دور العبادة، داعية المجتمع الدولي إلى تكثيف التعاون والتنسيق لمحاصرة ظاهرة الإرهاب المقيتة، التي تستهدف أمن الدول وإستقرارها.

احداث دموية وسقوط عشرات القتلى والجرحى من الأبرياء على يد مجرمين يقتلون باسم الدين وباسم الاسلام، احداث تدفعنا الى دق ناقوس الخطر، خاصة بعد تبنى داعش الارهابي لهذه العمليات الاجرامية، فهل نحن اليوم بصدد الحديث عن حرب الأديان ؟
صحيح أن بلادنا تضم أقلية من المسيحيين واليهود وان اغلبية الشعب التونسي مسلم، مقارنة بمصر، حيث يمثل المصريون الأقباط ، أكبر تجمع للمسيحيين في منطقة الشرق الأوسط، وتشير تقديرات إلى أن عددهم يصل إلى 10 بالمائة من إجمالي عدد سكان البلاد، الذي يزيد على 90 مليون نسمة. لكن هل من الممكن ان تلقي احداث مصر بظلالها على تونس وغيرها من بلدان العالم العربي ؟ وكيف بامكاننا اليوم تجنب مثل هذه السيناريوهات الدموية حتى ولو تعلق الامر بالأقليات ؟

اخبار الجمهورية تحاور قسيسا مصريا

في البداية تسنى لنا الحصول على حديث حصري من قبل قسيس مصري يدعى «الأب بطرس»، وبسؤال القسيس حول موقفه من الحديث عن صراع أديان بمصر، اكد أن المسألة غير مطروحة في الوقت الراهن لأن المسيحيين والمسلمين في مصر متعايشون مع بعضهم البعض منذ ان دخل العرب المسلمون الى مصر.  
واضاف الأب بطرس أن مايحدث هو عبارة عن احداث فردية ومعزولة، ولا يمكن التعميم فيها، مشيرا الى أن الإرهاب يضرب العديد من الدول والبلدان الأوربية ذات الأغلبية المسيحية، قائلا:» فهل نعتبر ذلك صراع أديان في أوربا؟»
وأما بخصوص الأحداث الاخيرة فعبر الاب بطرس عن غضبه واستيائه وحزنه، بعد سقوط عدد كبير من الشهداء الذين فقدتهم الكنيسة، معربا في المقابل عن سعادته «بوصول الشهداء الي السماء لملاقاة الربّ  يسوع المسيح الذي ضحي هو اولا من اجلنا علي خشبة الصليب»، والكلام للأب بطرس .
ووجه الأب بطرس 3 رسائل هذه فحواها  
اولا : الي المسيحيين في كل مكان يقول الكتاب المقدس
«قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا.سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ.اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ.فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَدٌ. لِهذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ اللهِ خَرَجْتَ». (يو١٦: ١-٢، ٢٠، ٢٢، ٣٠)
وليس هناك كلام أوضح من ذلك ولذلك نحن كمسيحيين فرحون..
ثانيا:  الي اخوتي في الوطن وهم المسلمون الذين نعيش على نفس الارض وتحت نفس السماء ونشرب من نفس النيل ولذلك فنحن شركاء في كل افراح الوطن وهمومه انا وانت مصريان ولا يفرقنا شي..
ثالثا:  الي الاٍرهاب والذين يفجروننا نحن نحبكم ونصلي من اجلكم ان يفتح الله العيون والقلوب لمعرفة الحق.

مسيحي مصري يتحدث لأخبار الجمهورية عن الاحداث الاخيرة

في البداية كان لنا اتصال بمواطن مصري مسيحي رفض الكشف عن اسمه، حيث نفى وجود أي اشكال بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وانهما متعايشان في سلام، وذكر في المقابل وجود استهداف ارهابي وتطرف ديني ضدّ المسيحيين في بعض المناطق من مصر لا غير.
أما بخصوص لحظات الحادث الإرهابي وسقوط ضحايا من المصريين المسيحيين في تفجير كاتدرائية مارجرجس طنطا والكنيسة المرقسية في الاسكندرية، فاكد محدثنا أن شعوره لا يختلف عن شعور كثيرين من المسيحيين وهو الغضب من التقصير الأمني الذي تسبب في مقتل  قرابة 43شهيدا واصابة أكثر من 100 شخص، مبينا أن هذه الأحداث لا يمكن أن تزيد سوى من تمسّك المسيحيين اكثر بمصر وبالكنيسة، مشيرا الى أن المسيحيين يصلون من أجل مصر وسلامها لأنها وصية الكتاب المقدس على حدّ تعبيره .
واضاف محدثنا ان تعامل المسلم والمسيحي في مصر هو تعامل طبيعي، مبينا أنه لا توجد مناطق للمسيحيين فقط او للمسلمين فقط، حيث يتعايش الطرفان مع بعضهما البعض ويتقاسمان كل شيء .
وأما عن ابرز تخوفاتهم كمسيحيين فأشار الى أن التخوف الحقيقي لا يقتصر على مسيحيي مصر بل على كل المسيحيين في الشرق الأوسط، وحمل محدثنا مسؤولية احداث طانطا والاسكندرية الى الدولة المصرية  بكل اجهزتها مبينا أن الاهمال والاستهتار والتقصير الامني هي سبب ما جدّ مؤخرا، اضافة الى الفكر الوهابي والتحريضي ضدّ المسيحيين، وقال ان هذا الفكر ليس مدعوما من الدولة.
وختم محدثنا كلامه، بقوله ان المسيحيين لا يحملون الاسلام او المسلمين مسؤولية ما حصل لأنهم يعرفون جيدا أن الارهاب لا علاقة له بالمواطن المسلم.

موقف راهبة مسيحية مقيمة في تونس

وفي حديث جمعنا مع راهبة مسيحية تدعى كارولين، مقيمة في تونس منذ قرابة 60 سنة، وتبلغ من العمر اكثر من 80 سنة، قالت انها تأثرت كثيرا بما عاشه الأقباط في مصر، وشعرت بحزن شديد، مضيفة انها تصلي من اجل ضحايا هذه الاعمال الارهابية، وانها تدين الاعمال الاجرامية التي راح ضحيتها ابرياء، من جهة أخرى ذكرت محدثتنا انها تقيم في تونس منذ العهد البورقيبي وانها لم تواجه أي اشكال يذكر طيلة حياتها، بل بالعكس باتت تشعر أنها تونسية لأن الجميع يعاملها بطريقة جيدة ويحترمها شأنها شأن كل المسيحيين في تونس، وذكرت كارولين انها لا تخشى على مسيحيي تونس من مثل هذه الاعمال الاجرامية، وان استهدافهم امر غير مطروح، اولا لأنهم يمثلون الأقلية وثانيا لأنه لا توجد مشكلة أديان في بلادنا .

فاضل عاشور: ارهاب بربري لا يراعي دينا ولا طائفة ولا عرقا  

من جهته أكّد فاضل عاشور، كاتب عام النقابة الوطنية للأئمة والإطارات الدينية في تونس، أن الإسلام بريء من هذه الأفعال ورسولنا الكريم محمد صلوات الله عليه أوصانا بالأقباط فهم أصل مصر منهم من دخل فى دين الاسلام ومنهم من بقى على دينه، على حد تعبيره.
وندد فاضل عاشور بهذه الجريمة النكراء في حق الانسانية، واصفا ما عاشته مصر بالارهاب البربري الذي لا يراعي دينا ولا طائفة ولا عرقا، وقال: «نقدم عزاءنا لانفسنا جميعا ولكل بريء ليس له أي ذنب سوى أن طالته يد الظلم والغدر وليعلم الجميع انه عندما يحل الموت والخراب فانه يحل بنا جميعا ولا يفرق بين انسان او دين او لون او عرق... نقول فقط حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من ساهم وخطط وغذّى ومول هذه الاعمال الاجرامية».

ألفة يوسف: حتى لا يتكرر السيناريو المصري في تونس

وفي اتصال هاتفي بالدكتورة والباحثة ألفة يوسف، أكدت أن اشكال صراع الاديان أمر غير مطروح، رغم أن بعض الجهات تسعى الى طرح هذه الاشكالية، واشارت محدثتنا إلى أن الاحداث الاخيرة التي عاشتها مصر ادانها المسلمون قبل المسيحيين، وذكرت أنه لا يمكن تحميل المسلمين مسؤولية ما حصل لأن وبكل ديانة هناك الصالح والطالح فمثلما ارتكب عدد من المسلمين جرائم في حق بقية الاديان ارتكبت ايضا جرائم من قبل الديانات الاخرى على غرار ما فعله المسيحيون باليهود، وما جرى في الأندلس للموريسكيين المسلمين بعد إجبارهم على التنصر أو إجبارهم على التخلي عن أبنائهم وأملاكهم. واشارت الفة يوسف الى أن مرتكبي هذه الاحداث الدموية لا يمكن وصفهم سوى بالمجرمين وبقتلة الابرياء ولا علاقة لهم بالدين لأنهم وبيساطة يستعملون الدين كمطية لتبرير اعمالهم الاجرامية، وذكرت أن افعال هذه الفئة من البشر والتي لا تحمل ديانة بعينها هي جرائم ضدّ الانسانية ككل.
وذكرت الفة يوسف أن الاخوان واتباعهم وكل من يمتلك قراءة وحيدة وهي القتل باسم الدين سدت كل المنافذ امامهم، مشيرة إلى إلى أن ما جد مؤخرا بمصر هو عبارة عن رقصة الديك المذبوح وأخر الحلول امامهم، معبرة عن املها في أن لا يصل هذا المدّ الاجرامي الى تونس، التي تضم هي الأخرى خلايا نائمة مستعدة للقيام بأي عمليات ارهابية، وذكرت انه لا بد من الحيطة هذه الايام والتأهب حتى لا يتكرر السيناريو المصري في بلادنا، خاصة وأن الحديث في المسائل الثانوية قد طفا مؤخرا على السطح اثر حادثة ملهى الحمامات ورفع الاذان والحديث عن زواج المسلمة بغير المسلم وغيرها من المواضيع التي قد تؤجج نار الفتنة.
وختمت كلامها بقولها ان الاسلام منفتح على جميع الديانات، وان الرب واحد في نهاية المطاف حيث استشهدت بما قاله ابن عربي بكون الطريق الى الله متعددة بتعدد أنفس الخلائق.
ختاما نشير الى ان القرآن الكريم، شرح في اياته كيف ان المسيحية هي ديانة سماوية، أرسلها الله هدى للناس ورحمة، على يد المسيح بن مريم. والمؤمنون بالمسيحية سجَّل القرآن لهم أجرهم عند ربهم، وأنهم غير المشركين، وغير الذين كفروا..  وقال أيضًا أنهم أقرب الناس مودة إلى المسلمين، ويدعوهم القرآن «أهل الكتاب»، أو «الذين أوتوا الكتاب من قبلكم» أو «الذين أتيناهم الكتاب» أو «النصارى».  ويصفهم القرآن بالإيمان وعبادة الله، وعمل الخير..
ويقول في ذلك  «وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ» (سورة النساء 131).  «الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ» (سورة القصص 52).

تحقيق من إعداد: سناء الماجري